الفترة الاخيرة في حياة قداسة البابا كيرلس السادس
كيف بدأ المرض يتسرب الي قداسة البابا كيرلس السادس ؟
لقد كانت الاعباء كثيرة علي قداسته فعاش حياته كلها في سهر ودموع وصلاة ... لم يعرف للراحة طعم وكان لا يعطي راحة لجسده ..ومع كل هذا كان زاهداً جداً في مآكله حتي ان الطبيب المعالج كان يستعجب جدا وفي هذا قال ان كميات الطعام التي كان يتناولها لا تكفي بحاجه جسم طفل صغير ... وفي اثناء مرضه كان يصوم صوماً انقطاعياًلا ياكل الا مره واحده عند الغروب وفي ليالي الاعياد كان طعامه بعد صلاة قداس العيد لا يمكن ان يزيد باي حال من الاحوال عن طعام اصغر رهبان الدير.
ويذكر شماسه الخاص انه في احدي المرات نهض قداسته من سريره وكان يعاني من ارتفاع درجة الحرارة وكانت حرارته 40 درجة ومع ذلك قام ليصلي التسبحة اليومية وعندما راني قلق وقال لي " ان الصلاة هي طريقي الي كل شىء وبعدا مباشرة انخفضت درجة حرارته
لم يعد هذا الجسد قوياً
هذا ما قاله عنه قداسة البابا شنوده الثالث حيث قال : كان البابا كيرلس لا يعطي راحه لجسده وفكره ..لذلك ما ان مرت عليه ثماني سنوات في البطريركية الا وتكاثرت عليه الامراض ولم يعد هذا الجسد قويا كما ان كان في اول عهده فالنير الشديد الذي تحمله البابا كيرلس ك
لاحد . كان المرض يهزة هزات تقلق الاطباء المعالجين ومع ذلك لم يتكلم .
كان يؤمن بان اللة يستطيع ان يتدخل اكثر من الاطباء ويشفى اكثر من الدواء
وظل الباباكيرلس طيلة حياتة ساهرا على رعيتة فى صلاة ودموع وجهاد وظل على مدى اربعين عاما واقفا على المزبح فى القداس الالهى وهذا ما اكدة قداسة الباباشنودة حيث يقول : لايوجد فى تاريخ الكنيسة كلة انسان مثل الباباكيرلس استطاع ان يقيم مثل كل هذة القداسات ولقد حاولت ان احصى عدد القداسات التى اقامها فى حياتة فوجدت انة قد صلى مايذيد عن 12 الف قداس
الايام الاخيرة
وهنا ننتقل الى الايام الاخيرة فى حياة البابا كيرلس وكيف تسرب المرض لقداستة بعد هذة الحياة الحافلة بالجهاد والدموع لقد تسرب المرض لقداستة بعد ان كثرت علية الاعباء الكثيرة فى راسة الكنيسة ... فاصيب بجلطة فى الشريان التاجى الامامى
وقد صرح بذلك المقر البابوى فى جريدة الاهرام الصادرة فى 24 اكتوبر عام 1970 م وكان لهذا الخبر اثر كبير جدا على كل ابنائة مسيحين ومسلمين .... وبعد هذا الاعلان ارسل الرئيس انور السادات نخبة من الاطباء المميزين برئاسة الفريق رفاعى كامل للسهر على علاجة وقد امر السيد وزير الصحة بتنظيم ثلاثة نوبات من الاطباء الاخصائيين من معهد جراحة القلب والصدر لمتابعة حالتة ووضعت لقداستة الاجهزة التى يتطلبها العلاج وكان فريق الاطباء قد طلب منع الزيارة منعا باتا حتى يستعيد البابا صحتة ..
وبالفعل مرت هذة الازمنة بسلام وقد اعلن الاطباء المشرفون على علاجة ان البابا قد اجتاز تلك الازمنة الطارئة .. ولكن يحتاج للراحة مدة اخرى وفى هذة الفترة كان مهتم بالسؤال عن قداستة كل ابناءه من الكنيسة القبطية وجميع الطوائف المسيحية رافعين صلواتهم لله لكى يحفظ لهم راعيهم الامين .
اعباء كثيرة
وبالرغم من تشديد الاطباء على الراحة التامة وعدم الزيارات
الا ان البابا ظل ساهرا على رعيتة فى تعب وجهاد وكان يستقبل زوارة ومع كل هذا يستقبلهم بمحبة شدبدة ويسمع مشاكلهم ويصلى من اجلهم ومع تزايد هذة الاعباء تمكن المرض من شرايين القلب وهنا منعة الاطباء من الحركة بسبب تعرضة لازمات قلبية شديدة وعاد البابا مرة اخرى للفراش وقد اشرف على علاجة مجموعة من الاطباء الاساتذة وكان من بينهم الدكتور ميشيل جرس الذى كان مقيم بالبطريركية .
توديع احباءه
وفى هذة الفترة علم قداسة البابا بساعة رحيلة وبدأ يعد نفسة ليودع احباءه الذين عاش معهم بالجسد وكانت كل كلماتة فى الفترة الاخيرة كلمات وداع فماذا قال ؟
( انا مسافر وعايز اشوفكم )
تقول احد الامهات الفاضلات : ان قداسة الباباكيرلس قد اعتاد ان يلتقى بى وبرئيسات الاديرة كل يوم سبت ولكننا فوجئنا يوم الاثنين 8 مارس بقداسة البابا يتصل ويطلب ان يرانا يوم 9 مارس وقد اردت ان اعتذر حرصا منى على صحتة فقلت لقداستة .. اننا قد نلنا بركتكم يوم السبت ولكن البابا اصر قائلا انا مسافر وعايز اشوفكم وعندما توجهنا لزيارتة كرر نفس الكلام يا اولادى انا مسافر . وعندما الحوا علية اى جهة سيسافر اليها قال " المكان الئ هسافر لة محدش يقدر يجى فية دلوقتى " ولكن وديع سيخبركم بة وهنا بكت الام وعرفت انة مسافر للسماء
الرب يدبر اموركم
وفى نفس هذا اليوم استقبل قداستة خمسين زائر من ابنائة , وكان من بينهم القمص يوحنا عبد المسيح راعى كنيسة العذراء بروض الفرج وكانت كلماتة ايضا كلمات وداع .. وبعد ان باركهم قال لهم " خلوا بالكوا من الكنيسة ياولاد .." ... ونظر لابونا يوحنا وقال " الرب يدبر اموركم " ....!
هنسافر النهارده ياعزمى
وبعد لحظات دخل اليه العم عزمى .. قبل ان يدخل اليه د ميشيل جرس المشرف على علاجة وكرر قداسة البابا نفس الكلام لعم عزمى السائق الخاص لقداستة وقال لة " احنا حنسافر النهاردة ياعزمى يابنى " فاعتقد عم عزمى ان البابا سيسافر لدير مارمينا .. فقال له انت تعبان ياسيدنا اجلها يومين تلاتة ولكن البابا كرر كلامة : " خلاص يابنى حنسافر النهارده " فاجاب عم عزمى : امرك ياسيدنا وخرج وذهب لمنزله ليعد حقيبة سفره ولم يفهم قصد الباباكيرلس
الساعات الاخيره فى حياة الباباكيرلس
في صباح يوم الثلاثاء الموافق 9 مارس 1971 م كان يوم انتقال قداسة البابا كيرلس من عالمنا الفاني : ان قداسته كان يصلي صلاة نصف الليل بقلايته كما صلي صلاة باكر فالي الساعه الخامسة صباحاً ثم تابع القداس الذي يقام يوميا بالكنيسة المرقسية عن طريق سماعه موضوعه بقلايته وعند السابعه والنصف صباحا حاولت اجراء الكشف المعتاد ولكني لم اتمكن لانشغال الا البابا فحاولت مرة اخري في التاسعه الا ربع ولكن البابا اخذ يستقبل زواره
كان يوم نياحته مشرق وبصحة جيده
فانتهزت هذه الفرصة ودخلت قلايته وجهزت له دواء يوم كامل حتي العشاء ...وبعد انصراف الزوار عدت اليه في الصالون وسألت عن صحته فاجاب بانه لا يشكو شيئاً وقلت له اني الاحظ ان قداستك مشرق وبصحة جيدة فشكر الله
كان منشرحاً جداً
ثم قمت بفحصه فحصا كاملا فوجدته علي مايرام وكان منشرحا جدا ويحدثني عن عملي وعن عائلتي وسألني عن تحليل البصاق الذي حان موعده وقال نكلم الدكتور لاحضار امبوبة معقمه وحاولت اقناعه باستخدام انبوبة عادية بعد تعقيمها بمعرفتي فرفض فقمت لاطلب الدكتور رمسيس فرج طبيب التحاليل لاحضار انبوبة وقبل اان دير قرص التليفون تذكرت ان معي رساله لقداسته من سيده مريضة فعدت وابلغته بها واعطيته الورقة المدون بها الاسم والتشخيص فوضعها في جيبه ومشيت معه حتي القلاية
اللحظات الاخيرة
ثم عدت اطلب دكتور رمسيس وقبل ان اطلب منه الانبوبة جاءني فهمي شماس البابا مسرعا ومنزعجا وهو يقول سيدنا تعبان فتركت السماعه دون ان ارد عليه واسرعت الي قلايته حيث وجدت قداستة جالسا علي الارض وظهره مستندا الي الحائط ولم يتمكن من الاجابة علي اسئلتي
اخر حبه دواء
ثم حاولت رفعه من علي الارض فلم اتمكن وفي يده وجدت اخر حبه دواء اكنت انفاسه مضطربة مع انخفاض النبض والضغط اعطيته حقنه لعلاج الهبوط المفاجىء وهو في موضعه ثم رفعته الي السرير انا وفهمي واستكملت بقيه الاسعافات تدليك القلب بعد ان توقف حوالي دقيقة واجريت له تنفسا صناعيا ولكن لم اشعر بالنبض ولم تصدر منه اي استجابه ولم اصدق ان تكون النهاية بهذه السهولة وفي هذا الوقت توالي حضور عدد كبير من الاطباء علي المقر البابوي ومجموعه كبيرة من اطباء معهد القلب بصحبتهم سيارة مزوده باجهزة علاج بالصدمات الكهربائية وبعد محاولات كثيرة اكتشفوا ان الحاله ميئوس منها
نياحة البابا كيرلس
وفي الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً اعلن وفاة قداسة البابا كيرلس السادس وكان وقوع هذا الخبر كالصاعقة علي نفوس ابنائه وكان الجميع في حاله ذهول وبكاء شديد من هول الصدمة القاسية فقد رحل راعي الكنيسة الذي كان ساهرا علي نفوس ابنائه وجاء عم عزمي سائق قداسته وبكي قائلا: مكنتش اعرف انه يقصد هيسافر للسما ورجعت الامهات وهن يتدكرن كلامه عن سفره واصراره علي وداعهم ورؤيتهم وسالت الدموع وحزنت القلوب
النظرة الاخيرة
في هذه الاوقات قامت مجموعه من الطباء بتحنيط جثمان قداسة البابا كيرلس ودهنه بالطيب ثم البسوه ملابسه الكهنوتية واجلسوه علي الكرسي المرقسي في الكتدرائية المرقسية بكلوت بيك وظلت الجماهير تتقاطر لتودع راعيها الامين واحتشدت الالاف امام الكاتدرائية وتعطلت الشوارع من كثرة الناس
وصية البابا كيرلس
وبعد دفن جثمان قداسة البابا كيرلس بجوار القديس مرقس الرسول بالكاتدرائية المرقسية لفترة قصيرة امر قداسة البابا شنوده الثالث بتنفيذ وصيه البابا كيرلس والتي تنص علي دفنه في دير حبيبه مارمينا بمريوط وفي يوم 22 نوفمبر عام 1972 م احتفلت الكنيسة بنقل جسد البابا كيرلس وصلي قداسة البابا شنوده صلاة رفع بخور عشية ثم قرأ علي الجميع الوصية التي كان ملخصها بخصوص هذا الشأن ( اوصي بعد انتقالي ان يدفن جسدي بالمدفن الذي تحت الكنيسة بدير مارمينا بصحراء مريوط ويدفن بالملابس التي تكون علي جسدي ولا لزوم لغيرها وكل من اطلع علي هذه الوصية وعثر عليها فلا يخفيها ولا يخالف ما به ومن خالف هذه الوصية يكون محروم من فم الثالوث الاقدس الاب والابن والروح القدس وفم حقارتي ويكون علي شمال المسيح وعلي ابن الطاعه تحل البركة وفي صباح يومم 23 نوفمبر نقل جسد المبارك في احتفال مهيب لدير القديس مارمينا العجائبي بمريوط وهناك حمله ابناءه بفرح عظيم وطيف به فالدير ووضع في مزار خاص ولا يزال ابناءه يذهبون اليه في افواج لا تنقطع ليتباركوا من جسده الطاهر
بركة صلوات القديس العظيم البابا كيرلس السادس تكون معنا ولربنا المجد الدائم الي الابد امين