ميلاده وحياته الأولي
ميلاده ونشأته:
في اوائل القرن الماضى في مدينة الزقازيق وبالتحديد في شارع بحر مويس-في قسم الصيادين عاشت اسرة تقية محبة لله ولكنيستة هي اسرة المقدس جرجس ايوب وزوجته هيلانه عطية وكانا ينطبق عليهما ما قيل عن زكريا الكاهنوزوجته أليصابات أنهما " مانا كلاهما بارين امام الله سالكين في جميع وصايا الرب واحكامه بلا لوم "( لو 1:6)
وقد كان المقدس جرجس ايوب يعمل كاتباً زمسجلاً للحسابات لدي " عبدالله بك شديد" احد اعيان مدينة سخا بحافظة كفر الشيخ في ذلك الزمن كما انه يباشر زراعة عشرة فدلدين ورثها عن والده في محافظة الشرقية .
رزق الله هذين الزوجين التقيين خمس بنات وولدين نذكرهم هنا حسب ترتيب ميلادهم وهم:
أوجينية-ماري-اجيا-أنجيل-عزيز-سعاد ثم أخرهم الابن ( كامل) الذي ولد في 1/4/1922 م والذي صار فيما بعد الراهب القمص فلتاؤس السرياني صاحب هذه السيرة العطرةز
في كتاب القرية:
" وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكمك للخلاص "( 2تي 3:15)
اهتم المقدس جرجس وزوجتة هيلانة اهتماماً كبيراً بتربية ابنائهم السبعة تربية روحية سليمة ومسيحية حقيقية وكذلك تربية اجتماعية ومادية كريمة وكانا هما الاثنان مثالاً وقدوة لابنائهما في كل تصرفاتهما مما انعكس تلقائياً بالإيجاب علي ابنائهم وخاصة الابن الاصغر كامل الذي كان كعجينة لينة وطرية وسهلة التأثر بما حولها وبمن حوله. واولي علامات هذا الاهتمام انه ما ان بلغ كامل عامه الرابع او الخامس . حتي الحقه والده مع اخية الاكبر عزيز بكتاب الكنيسة في بلدتهم حيث في بلدتهم حيث بدأ حفظ المزامير وبعض المرادات والالحان الكنيسة وكذلك تعلم مبادىء القراءة والكتابة.
وحيث ان الابن كامل حباه الله صوتاً جميلاً فقد حفظ وأتقن الحاناً كثيرة في فترة وجيزة كما ظهرت عليه علامات النبوغ والذكاء مما ساعده كثيراً في تعليمه الاولي هذا.
وعندما كبر قليلاً وتعلم كيف يذهب للكنيسة وحده كان احيانا كثيرة يخرج من منزله بمفرده ويذهب للكنيسة لقضاء وقته بها ما بين حفظ الالحان والمزامير وتعلم القراءة في الكتاب المقدس وعندما كان افراد اسرتة لا يجدونة في المنزل يعرفون انه في الكنيسة وبالفعل يجدونه هناك!
التحاقة بالمدرسة
ما ان بلغ كامل عامه السادس او السابع حتي التحق بالمدرسة الابتدائية وظهرت علامات ذكائه وتفوقه منذ صغره وصار محبوباً من زملائه ومدرسية كما ان الله حباه بموهبه خاصة وهي موهبه الرسم اذ كان يستطيع ان يرسم بدقه متناهية ما يريد رسمه من صور واشكال.
علاقتة المتميزة بأفراد أسرته منذ الصغر:
كما ذكرنا ان الابن كامل كان اصغر افراد اسرته لذلك كان موضوع حبهم وخنوهم ولكن ذلك لم يجعله مدللاً بل شعر هو بهذا الحب فبادلهم هو حباً بحب واحتراماً باحترام وكان مثالاً في الطاعة والخضوع لوالديه كما انه كان محباً جداً لاخوتة وكأنه هو أكبرهم وليس أصغرهم فقد حدث مرة ان والده اشترى له بدلة جديدة جميلة ففضل ان يعطي هذه البدلة الجديدة لاخية ويحتفظ هو لنفسه بالبدلة القديمة التي كان يرتديها عملاً بقول الكتاب " من له ثوبان فليعط من ليس له " ( لو 3:11)
عطاء مبكر:
" مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ " ( أع 20:35)
من طبيعة الاطفال حب الاخذ والامتلاك اما الطفل كامل يكن هكذا فطيسعته المحبة للغير وتربية مسيحية روحية جعلت منه " معطاء صغيراً " فقد اعتاد ان يعطي جزءاً من مصروفه لجار لهم فقير او يدخر بعضاً منه ليشتري للاطفال الذين في سنه حلوي مثل تلك التي يشتريها لنفسه. وعندما اكتشفت احدي اخواته هذا الموضوع هددته بأنها ستخبر والديهما بتصرفه هذا فاخذ يحثها بالا تفعل هذا حتي اقنعها ليس خوفا من والديه ولكن لئلا يحرم من بركة العطاء من مصروفه الخاص ولكن كما يقولون ان هذا الشبلمن ذاك الاسد فقد كان والده من قبله رجلاً كريماً خيراً معطاء فقد ذكر عنه انه -اي المقدس جرجس -كانت له اخت قد ترملت فاعطاها كل ميراثه الذي ورثة عن والدية وهو عبارة عن عشرة فدادين كما سبق ان ذكرنا وذلك حتي تعول نفسها واولادها حقاً " فإن الذي يزرعه الانسان اياه يحصد ايضاً" (غل7:6)
هدوء وعواصف:
" لان ليس لنا هنا مدينة باقية" ( عب13:14)
كان الفرح والسلام يعم افراد تلك الاسرة الكريمة وكذلك ربطتهم المحبة الروحية والجسدية وسارت الاحوال علي ما يرام الي ان هبت علي سفينة تلك الاسرة عاصفة هوجاء من عواصف هذا العالم اذ انتقلت الام هيلانة الي السماء تاركة خلفها زوجها وابناءها السبعة واصغرهم- اي الابن كامل- كان ما بين العاشرة والثانية عشر.
وكانت التجربة قاسية اضطربتعلي اثرها احوال تلك الاسرة وعلي ما يبدو ان هذا الحدث افضي الي نتيجتين وهما : تزوح :المقدس جرجس بأبنائه السبعة الي القاهرة حيث استقر في منزل بحي شيرا بالقرب من كنيسة مارجرجس بجزيرة بدران وقد اشتري المقدس جرجس هذا المنزل بثمن الارض التي كانت تملكها زوجته المرحومة هيلانه اذ انه تصدق بميراثة هو علي اختهالارملة كما ذكرنا سابقاً.
اما النتيجة الثانية فهي زواج المقدس جرجس من امراءه فاضلة رزقه اللهبها وذلك لتقوم باعباء المنزل ورعاية ابنائه الصغار وكانت بمثابة ام حقيقية لهم احبتهم وخدمتهم بكل حب وحنان فبادلوها هم ايضا حباً بحب.
ما اصدق قول ايوب الصديق عن الرب انه " يجرح ويعصب يسحق ويداه تشفيان" ( أي 5:18)
افتقاد وارتباط:
" هئنذا أسأل عن غنمي وأفتقدها " ( حز 34:11)
كان المتنيح القمص جرجس بطرس كاهن كنيسة مارجرجس بجزيرة بدران كاهناً فاضلاً تقياً ورعاً ما ان علم بوصول هذه الاسرة الجديدة حتي زارهم في منزلهم الجديد وافتقدهم ودعاهم للحضور للكنيسة والمواظبة علي القداسات وتعلق الابن كامل بالقمص جرجس بطرس واتخذه اب اعتراف له واحبه اوبنا ايضا للطافتة ولدماثة اخلاقة وكان كامل في ذلك الوقت قد التحق بالمدرسة الابتدائية كما انه انتظم بالكنيسة لحضور القداسات وحضور دروس حفظ الالحان مما جعل اب اعترافه القمص جرجس بطرس يزكية لدي المتنيح قداسة البابا يوأنس التاسع عشر ( البطريرك ال113 ) ليرسمه شماساً علي الكنيسة وقد كان له ذلك مما زاد ارتباط كامل بالكنيسة وبمحبة الله والتزامه بقوانينة الروحية ودراسته ومحبته لاسرتة.
يا مذبح يا مذبح:
حدث في يوم من الايام ان بعضاً من فتيان الكنيسة تعرضوا بالمضايقة لبعض الفتيات وعلي ما يبدو من اولئك ان بعض من اولئك الفتيان كانوا شمامسة الكنيسة للاسف فوصلت اخبار هذه الاحداث الي مسامع الارشي المئول عن شمامسة الكنيسة فأصدر قراراً بمنع كل الشمامسة الفتيان من ارتداء التونيةوالتناول من الاسرار الكنسية المقدسة لحين التحقيق في تلك الواقعه وطبق القرار بحزم وقوة وكان الشماس الفتي كامل احد هؤلاء الذين طبق عليهم القرار فلما علم كامل بذلك حزن جداً ( لمنعه من الخدمة والتناول بالاضافة لاحساسه بالظلم اذ لم يكن بالطبع من اولئك الفتيان) فتأثر جداً وتوجه الي الهيكل ووقف امام المذبح وصرخ قائلاً " يا مذبح يا مذبح انت شاهد يا مذبح" !! وخرج من الكنيسة وهو متأثر للغاية.
ولكن الله الذي هو غني في الرأفة لم يشأ ان يظلم كامل هكذا طويلاً اذ ما هي الا ايام قلائل حتي مرض ذلك الارشي مرضاً شديداً وارتفعت درجة حرارته ولازم منزله وارسل له احد الخدام من الكنيسة لينبهه ان ما حدث له بسبب انه ظلم الشماس كامل فاقتنع الارشي برأي ذلك الخادم وارسلواستحضر الفتي كامل وطلب منه ان يسامحه فأظهر له كامل كل محبة وخضوع واتضاع وما ان انصرف من منزله الا وبدأ ذلك الارشي في التحسن حتي انخفضت درجة حرارته وشفي تماماً في ايام قليلة وعاد كامل اليخدمة مذبح الرب المقدس بكل فرح وحب عالماً وشاهداً لعمل الله معه منذ باكورة حياته " يحامي فينقذ يعفو فينجي" ( إش 31:5).